كتب الإعلامية الواعدة قصواء الخلالي هذا المقال الذي تضمن تفاصيل وكواليس الحوار الذي يشكل مادة تشغل الرأي العام في مصر في الأيام القليلة الماضية والمرجح أن تشغله لشهور قادمة في ظل أوضاع إقليمية وداخلية بالغة الحساسية، أو ربما لشغل الرأي العام عن ترتيبات وتحالفات بازغة تتناولها تقارير إعلامية دولية ولا يراد لها أن تكون موضوعاً للحوار الداخلي.. لقد استشعرت مؤسسات كثيرة الخطر عن إعلان ميلاد "اتحاد القبائل العربية" والذي تبرأ منه شيوخ القبائل في صعيد مصر في بيان رسمي ولم تنطل عليهم حيلة الدفع بأحد الوجوه الإعلامية الشهيرة الحريصة على ربط نفسها بالصعيد وبعائلته وهو ربط مناف للحقيقة والواقع. ومرة أخرى يجري ربط القبائل العربية في الصعيد بهذا الاتحاد الذي أصبح له حزب سياسي أريد له أن يولد قويا من خلال الشخصيات التي تم ضمها للحزب، والذي أحدث هزة كبيرة في الواقع الحزبي في مصر..
الكواليس تشير إلى أن هناك من يتلاعبون بنار الفتننة عن جهل على ما يبدو، لكن أن يصل الجهل إلى حد عدم الانتباه أو الالتفات إلى التنبيه فلنا أن نتوقف ونتساءل عمن أعد وأخرج سيناريو هذا الحوار وعن توقيت نشره، وعن إدارة الجدل بخصوصه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وعبر منصات إعلامية.. هذه الكواليس التي كشفتها الإعلامية النابهة تضعنا جميعا أمام مسؤولية الحفاظ على وحدة هذا المجتمع وتماسكه والتنبيه إلى المساعي الخبيثة لإظهار الكيانات القبلية كما لو كانت دولة موازية في مصر أو إظهارها كما لو كانت هي صاحبة النفوذ الحقيقي، المالي والاقتصادي والسياسي. لقد نبهنا من قبل في تعليق على مقال للأستاذ إسماعيل الإسكندراني لخطورة هذا التصور الذي يفكك الدولة والمجتمع في مصر وفقا لولاءات عشائرية وقبلية، لكن هناك إصرار على ما يبدو من بعض الدوائر على تغليب هذه الرؤية، التي لا تخدم أي تصور للأمن القومي المصري، وتريد أن تستبدل مفهوم الدولة الحديثة القائمة على فكرة سيادة القانون بمفهوم آخر يعتمد على نفوذ البنى الاجتماعية التقليدية لشيوخ العشائر ورؤوس العائلات ليصبحوا هم القانون أو قوة فوق القانون..
هناك نظريات كثيرة ترى فيما يجري مؤامرة، خصوصاً في ظل هذا التوقيت الذي يتزايد فيه الحديث عن التهجير وعن خرائط جديدة يجري رسمها في المنطقة، أنا شخصياً لا أميل لمثل هذه النظريات والآراء، لكن لا بد من التنبيه إلى خطورة ما يحدث، وضرورة التحرك للدفاع عن الدولة وسيادة القانون وتصحيح الممارسة السياسية التي يسعى البغض لاستغلالها، ليس بغرض تطوير الحياة السياسية والممارسة وإنما بغرض التربح وجني الأموال من خلال استغلال الوظائف على النحو المعلوم للجميع بخصوص آليات اختيار المرشحين في الانتخابات النيابية، على الرغم من وجود استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد ولجنة وطنية عليا لهذا الغرض. إن الإصرار على نظام الانتخابات المعمول به حالياً، القائمة المطلقة هو مفسدة مطلقة حان الوقت لأن تنتهي ويتم الانتقال لانتخابات تنافسية حقيقة تتيح المجال للمنافسة بين أكفاء لا بين أثرياء ومتربحين من العمل السياسي.. الكواليس كاشفة وفاضحة لما يحدث على السطح ونرى جميعاً نتائجه.. السياسة في مصر هي المشكلة وهي المدخل الصحيح لتصحيح الوضع، البداية بإنهاء احتكار العمل السياسي وقصره على مجموعات من الشلل الطامحة لأن تعيد بناء النموذج الذي رفضته الأغلبية الساحقة من المصريين من قبل والذي كان عنوان التزاوج بين المال والسلطة.
-----------------------------
بقلم: أشرف راضي